السبت، 9 يوليو 2011

''ميادين التحرير''.. وعودة المليونيات من جديد


دفع التأخر في تنفيذ مطالب الثورة من جانب المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة مئات الآلاف من المصريين إلى الخروج في الشوارع والميادين في مظاهرات عارمة من أجل الضغط لتلبية تلك المطالب وأهمها انجاز محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك ورموز نظامه ومحاكمة قتلة الثوار، حتى بات بكل محافظة ''ميدان تحرير'' خاص بها.
ولم تتخلف قوة سياسية عن المشاركة في تظاهرات ''الثورة أولاً''، وحرصت الأحزاب قديمها وجديدها وكذا الحركات على التواجد في ''ميادين التحرير'' في القاهرة والمحافظات، دون رفع الشعارات الحزبية، بمافيها جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي حزب''العدالة والحرية''، والتي كانت قد رفضت المشاركة في تظاهرات 27 مايو الماضي بحجة ''الوقيعة'' بين الشعب والجيش. كما حرص معظم مرشحي الرئاسة على الحضور للميدان والتواجد وسط الثوار، كالأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى، والدكتور محمد سليم العوا. لكن الدكتور محمد البرادعي أعلن منذ الخميس أنه لن ينزل للميدان معللاً ذلك بأنه لا يريد أن ينشغل الشباب عن مطالبهم بالترويج ودعم مرشحي الرئاسة.
أعلن الآلاف من المواطنين أنهم سيبتون ليلتهم والشروع في اعتصام بميدان التحرير حتى تحقيق ''مطالب الثورة''، وأعلنت قوى سياسية ووطنية عديدة انضمامها للاعتصام، فيما تواترت أنباء عن أن متظاهري مدينة السويس العصيان المدني، في جميع المؤسسات، في حال عدم صدور أي قرارات من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بشأن الضباط المتهمين بقتل الثوار في السويس.
واكتظ ميدان التحرير، معقل ثورة 25 يناير، بالمتظاهرين من كافة الاطياف والانتماءات السياسية، منذ فجر الجمعة مرددين هتافات بعيدة كل البعد عما يشغل النخبة في الوقت الراهن من صراعات حول الدستور أولاً أم الانتخابات البرلمانية، ورفعوا اللافتات لاتي تطالب بسرعة انجاز المحاكمات وتطهير وزارة الداخلية وإلغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين وغيرها الكثير من الكثير من المطالب المشروعة.
وبدى ميدان ''جمهورية التحرير'' كامل العدد مع فروغ المتظاهرين من تأدية صلاة الجمعة، ولم يكن هناك موطئ لقدم في منتصف اليوم، في ظل توافد حشود من المواطنين من محافظات عدة، حاملين الأعلام واللافتات التي تطالب بسرعة محاكمة قتلة الثوار، ومحاسبة كل الفاسدين في نظام حسني مبارك.
ولم يتوان الشعب المصري في تلبية دعوات مليونية ''الثورة أولاً'' رغم حرارة الجو التي أوقعت حالات اغماءات في صفوف المتظاهرين، بلغ عددها 179 حالة – بحسب الاحصاءات الرسمية -  تم علاج أغلبها بالعيادة الطبية بالتحرير وسيارات الاسعاف، فيما تم نقل أخرون إلى المستشفيات المحيطة مثل المنيرة والقصر العيني.
وعمل الثوار على تأمين مداخل ومخارج ميدان التحرير منذ فجر الجمعة، وانتشرت لجان التفتيش في كل الأرجاء، ولم يحدث مايعكر صفو التظاهرات سوى القبض على ثلاثة بلطجية في الميدان وتم تسليمهم للشرطة العسكرية، بجانب رفض متظاهرون لتواجد التليفزيون المصري في التحرير على خلفية تغطيته المخجلة لأحداث الثورة في أيامها الأولى، كما تردد منع طاقم قناة ''سي بي سي'' الجديدة من التصوير في الميدان وهو مانفته القناة الوليدة في بيان لها.
واتفق المتظاهرون على أن الثورة لم تنهي بعد، وأن الطريق، أمام تحقيق المطالب المشروع التي خرج من أجلها الملايين من الشعب المصري حتى أجبروا الرئيس السابق حسني مبارك على التنحي، لا يزال طويلاً ويتطلب المزيد من الضغوط على المجلس العسكري والحكومة لتلبية تلك المطالب وأهمها ''القصاص لدم الشهداء''، كما يقول خالد عبد الرحمن، وهو محامٍ من القناطر الخيرية أتى للميدان منذ الصباح الباكر هو وابنيه وبناته الثلاث.
عبد الرحمن الذي كان أول ما تلفظ به رداً على سؤال عن سبب نزوله ''حاسس ان الثورة بتضيع''، أكد أنه بشعر بمرارة في حلقه من بطء المحاكمات وعدم قدرة الأمن على العودة مرة أخرى للشارع، معلناً استياءه من ''القوى والأحزاب السياسية التي لا يعنيها إلا مصالها عدد المقاعد التي تسعى للحصول عليها في البرلمان''.
ولم يقتصر خروج المواطنين على القاهرة وميدان التحرير فقط، حيث نزل آلاف المواطنين في كافة المحافظات في مظاهرات تغاضت كلها عن المطالب الحزبية والسياسية ورفعت ''مطالب الشعب المصري''، الأمر الذي أعاد للأذهان ''مليونيات الثورة الأولى''، وقت أن كنا شعب واحد.. وراء مطلب واحد تمثل في كلة ''ارحل''.
وانضم آلاف من أهالي السويس الباسلة لمعتصمي ميدان الأربعين، الذين أعلنوا الاعتصام في الميدان قبل عدة ايام بعد إخلاء سبيل الضباط وأفراد الشرطة المتهمين بإصابة وقتل متظاهري السويس. وظهر ميدان التحرير وكأنه صورة طبق الأصل من ''جمهورية التحرير بالعاصمة.
وفي الإسكندرية تجمع مئات الآلاف في ساحة القائد إبراهيم للتأكيد على أن الشعب المصري لم يعد يخاف ويرفض بأي حالٍ من الأحوال الالتفاف على مطالب الثورة المشروعة من جانب أي جهة سواء المجلس العسكري أو الحكومة. وكان الأمر مشابه في كافة محافظات الجمهورية كالغربية والدقهلية وسوهاج وقنا، وإن اُعتبرت مظاهرات أهالي الأقصر ذات مذاق خاص حيث أتها بدأت من قلب ''معبد الأقصر''، ليكون فراعنة مصر شاهدين على أحفادهم أبناء النيل وهم ''يستعيدون ثورتهم مرة أخرى''، كما قالت جريدة ''الجارديان'' البريطانية.
وبما أن المصريين في كل بقاع الدنيا دائماً على قلب رجل واحد، فقد خرج مصريو الخارج في عدة بلدان أوربية مثل بريطانيا وألمانيا، في مظاهرات تضامناً مع جمعة ''الثورة أولاً''، أمام السفارات المصرية هناك، مرددين الشعارات التي رفعها الثوار في مصر في ميدان التحرير ومختلف المحافظات.
وطالب مصريو الخارج بالإسراع في محاكمة قتلة الثوار ووقف المحاكمات العسكرية للمدنيين وتطهير البلاد من بقايا النظام السابق وقيادات الشرطة الفاسدة، إضافة الى وضع قواعد محددة تضمن حصول المصريين في الخارج على الحق في التصويت في الانتخابات في مصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ارجو من السادة المشاهدين التعليق باسلوب راقى

تعليقات

ارجو التعليق على الرسائل المعروضة

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة