الاثنين، 20 يونيو 2011

منعاً لإحراج الجيش

قبل ثورة 25 يناير، كان الخلاف فى الرأى، إذا حدث بين فريقين فى البلد، فإنه يظل خلافاً بين «وطنيين» منتمين إلى الحزب الوطنى الحاكم، وقتها، وبين «خونة» ينتمون إلى أى تيار سياسى آخر، وكان التصنيف يجرى على هذه الصورة، أو على الأقل، على ما هو قريب منها، طول الوقت!
هذا شىء لابد أن تذكره أنت، بينك وبين نفسك، وأنت تتابع، هذه الأيام، الخلاف الحاد بين فريقين أيضاً فى المجتمع.. فريق يرى أن الدستور يجب أن يسبق انتخابات مجلس الشعب المقبلة، وفريق آخر يرى العكس تماماً، وهو أن تأتى الانتخابات أولاً.. ولكن.. فى كل الحالات، ليس هناك - بعد 25 يناير - فريق وطنى، وآخر خائن، وإنما كلا الفريقين وطنى، ولا يشك فريق فى وطنية الآخر، ولا يستطيع.
هناك، إذن، فارق مهم للغاية هذه المرة، ليبقى السؤال هو: كيف يمكن أن نحسم هذا الخلاف الذى يحتد يوماً بعد يوم، وقد وصلت حدته إلى درجة أن كثيرين يجمعون توقيعات، الآن، من أجل تأييد وضع الدستور أولاً، وقبل كل شىء!
وتقديرى، أن الأمور إذا كانت قد وصلت إلى هذا الحد فإن حسمها لا يكون إلا بالرجوع إلى المصريين، الذين هم أهل الشأن فى الموضوع، أولاً، وأخيراً، وكما رجعنا إليهم فى استفتاء 19 مارس، من أجل تعديل عدة مواد فى الدستور، فالأجدى، اليوم، أن نرجع إليهم، لنرى أيهما علينا أن ننجزه أولاً: الدستور أم الانتخابات؟!
وإذا كان هناك مَنْ سوف يقول إن وضع الدستور أولاً إنما هو انقلاب على استفتاء 19 مارس، فهذا كلام غير صحيح، لأن أهل الدستور أنفسهم، وعلى رأسهم د. إبراهيم درويش، الفقيه الدستورى الكبير، يرون أن البدء بالدستور، لا الانتخابات، ليس فيه أى انقلاب على أى استفتاء، لأن الاستفتاء الذى جرى فى ذلك اليوم ليس ملزماً لنا بأن تكون انتخابات البرلمان أولاً!
ولن يكون إجراء استفتاء جديد بدعة، ولا خروجاً على رأى أغلبية قالت «نعم» فى الاستفتاء السابق.. ففى سويسرا على سبيل المثال، يجرى استفتاء كل ثلاثة أشهر تقريباً، حول مسألة مختلفة فى كل مرة، لدرجة أنه قيل إن السويسريين يفضلون إذا قرروا نقل عمارة، أو شجرة من مكانها، أن يجرى استفتاء أولاً حول ما إذا كان أهل الحى الذى يضم الشجرة - مثلاً - يؤيدون نقلها أم لا؟!
الخلاف أكثر مما هو قائم حالياً سوف يسبب إحراجاً بالغاً للجيش، أو للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، بمعنى أدق، ويجب علينا ألا نحرجه، وألا نسبب له حرجاً من أى نوع، ولا سبيل إلى ذلك إلا من خلال استفتاء يخلصنا من هذا الصداع الذى نعيشه منذ فترة، إذا صح أن نسمى الخلاف حول مسألة كهذه صداعاً!
زمان.. كان النظام الحاكم «يستغل» الاستفتاء، كأداة، لقياس اتجاه الرأى العام، وإذا كان هناك شىء مطلوب منا، اليوم، فهو أن «نستثمر» الاستفتاء، كأداة، لا أن نستغله!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ارجو من السادة المشاهدين التعليق باسلوب راقى

تعليقات

ارجو التعليق على الرسائل المعروضة

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة